[b]
الدستور - 11/7/2010
المقاومة الوطنية الليبية للاحتلال الايطالي 1911( - 1931) *
د.علي محافظة
بعد أن تمكنت إيطاليا من بناء وحدتها القومية سنة 1869 ، تطلعت بأنظارها إلى الطرف المقابل لها على البحر المتوسط طامعة في الحصول على نصيب لها في الحركة الاستعمارية الأوروبية التي بدأتها إسبانيا والبرتغال وتلتها بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا في القارة الأفريقية. سعت إيطاليا أول الأمر إلى استعمار تونس إلا أن فرنسا سبقتها في هذا المضمار ولم تتح لها تحقيق ماسعت إليه. عندها اتجهت إلى ليبيا ومهدت لذلك من خلال التغلغل الاقتصادي ، والحصول على موافقة الدول الأوروبية الاستعمارية ، وهذا ماتحقق لها في العقد الأول من القرن العشرين. وواتتها الظروف في مرحلة بلغت فيها الدولة العثمانية ، التي كانت ليبيا آخر ولاياتها في الشمال الأفريقي ، أوج ضعفها وانشغالها في إخماد حركات التحرر والاستغلال في ولاياتها البلقانية المدعومة من الدول الأوروبية الاستعمارية.
بعد أن حصلت إيطاليا على موافقة ألمانيا والنمسا وفرنسا وروسيا وبريطانيا على غزو ليبيا ، اتخذت الترتيبات العسكرية اللازمة لذلك بتأييد وحماسة جارفين من الايطاليين ، خطط له ونفذ خلال السنوات التي سبقت ذلك الغزو. بدأ الغزو بانذار إيطالي إلى الحكومة العثمانية في 26 ـ 9 ـ 1911 بالتسليم لايطاليا باحتلال ليبيا (ولاية طرابلس الغرب). وحال وصول القوات الايطالية بقيادة الجنرال كانيفا إلى طرابلس ، وجه بياناً الى الشعب الليبي تضمن تبريره لاحتلال البلاد من أجل القضاء على الحكم التركي وحماية الليبيين من أي اعتداء خارجي. وهو في هذا لم يختلف عن بقية الغزاة الأوروبيين للأقطار العربية الذين سبقوه أمثال نابليون والجنرال ولزي Wolsey قائد الحملة البريطانية على مصر سنة 1882 والجنرال ليوتي فاتح المغرب.
لم تستطع الدولة العثمانية إرسال قوات في البحر للدفاع عن ليبيا ، واكتفت بارسال عدد من الضباط العسكريين لقيادة القوات المحلية وقوات المقاومة الشعبية ، وكان منهم أنور باشا الذي أصبح فيما بعد صدراً أعظم ، وفتحي بك وعزيز علي المصري الذي قام بدور بارز فيما بعد في الحركة القومية العربية في آسيا العربية ، وأدهم باشا الحلبي ومصطفى كمال الذي قاد عملية تحرير تركيا من الغزو الأجنبي أثناء الحرب العالمية الأولى وبعدها وأسس جمهورية تركيا الحديثة. وتبرع عدد من المتطوعين العرب للمشاركة في الدفاع عن ليبيا كالأمير شكيب ارسلان وعبد الرحمن عزام الذي كان أول أمين عام لجامعة الدول العربية سنة ,1945 غير أن المقاومة الوطنية لم تصمد طويلاً أمام القوات الايطالية النظامية الأكثر عدداً وعدة والتي تمتلك أحدث الأسلحة الفتاكة بينما لم يتوفر للمقاومة سوى الأسلحة الفردية الخفيفة القديمة. والواقع أن الشعور الديني والحمية القومية دفعا العديد من العرب والأتراك الى المشاركة في حركة الجهاد الليبية طوال عامي و1911 ,1912 وكان للمرأة الليبية دورها في حركة الجهاد هذه.
تعرضت الدولة العثمانية لضغوط دولية اضطرها للتوقيع على معاهدة لوزان في 18 ـ 10 ـ 1912 التي تنازلت بموجبها عن ليبيا لصالح إيطاليا. وانسحبت القوات العسكرية العثمانية منها ، تاركة عرب ليبيا يواجهون المغتصب الايطالي وحدهم. وبدأوا بتقسيم قيادة المجاهدين الى قسمين قيادة في طرابلس وأخرى في برقة. واستمر الجهاد طوال عامي 1913 و 1914 ، وامتد الى جنوب البلاد. وتمكن المجاهدون بين سنتي 1913 1915و من حصر القوات الايطالية في المدن الساحلية الليبية بعد هزيمة هذه القوات في معركة القرضابية في 28 ـ 4 ـ ,1915
كان موسوليني وحزبه الفاشي قد استولى على السلطة في إيطاليا سنة 1922 ، وصمم على إعادة احتلال ليبيا والقضاء على المقاومة الوطنية فيها. ورافق عملية الاحتلال هذه مصادرة الأراضي الزراعية الخصبة في طرابلس وبرقة وتمليكها للايطاليين ، ولا سيما أملاك الدولة وأملاك الثوار. ولجأت قوات الاحتلال الى قتل المدنيين وحشر الأسرى من الثوار في معسكرات الاعتقال في الصحراء مثل معتقل العقيلة ومعتقل البريقة ومعتقل سلوق ومعتقل المقرون ومعتقل الأبيار التي ضمت عشرات الآلاف من الأسرى الثوار وأقربائهم. ومارست قوات الاحتلال أقسى أنواع التعذيب بالمعتقلين من جلد بالسياط ونقل للرمال وركل بالأرجل والقيام بأعمال السخرة.
ظهر على ساحة المقاومة والجهاد الشيخ عمر المختار الذي قاد المجاهدين في الجبل الأخضر ، وحقق نصراً على القوات الايطالية في معارك عديدة بين سنتي و1922 ,1931 وكانت القبائل الليبية تزود المختار بالرجال في كل معركة. تعرضت المقاومة الليبية لحصار شديد بهدف منع وصول الدعم العربي إليها خاصة من مصر. ومدت القوات الايطالية أسلاكاً شائكة على طول الحدود الليبية - المصرية ، ولما عرض القائد الايطالي الجديد غراتزياني على عمر المختار أن يسلم المجاهدين أسلحتهم مقابل دفع رواتب لهم من الحكومة الايطالية رد عليه المختار بقوله: "أنا أعلم أنك ارتكبت من الشدة مع الأهالي الخاضعين لكم مادل على أنك لاتريد الخير لهذه البلاد ولا لحكومتك نفسها. وها انت اليوم تطلب منا تسليم السلاح ، وتهددنا بجيوش حكومتك في مجلس أنت دعوتنا إليه للتفاهم بما يحل المشكلة بيننا وبينكم. وأما القوة التي تلوح بها لنا فقد عرفنا آخر ماعندكم منها ، وقد جابهناها على مدى ثماني عشرة سنة ، ولازلنا بعون الله كما كنا".
التقى عمر المختار بممثلي سلطات الاحتلال الايطالية عدة مرات ، أملاً في الحصول على تسوية لليبيين تضمن حداً أدنى من الحياة الكريمة. وقدم لهم شروطاً لانهاء القتال هي:
1 - المساواة بين الليبيين والايطاليين في الحقوق.
2 - الاعتراف بالعربية لغة رسمية في الادارة الايطالية في ليبيا.
3 - عدم تدخل السلطات الايطالية في الشؤون الدينية ، والسماح بفتح المدارس الدينية.
4 - فتح أبواب التعليم العالي أمام الليبيين.
5 - السماح لليبيين بحمل السلاح على اختلاف أنواعه.
6 - إعادة الممتلكات الليبية المصادرة الى أصحابها.
7 - اصدار العفو العام وإطلاق سراح جميع الأسرى والمساجين.
8 - السماح لليبيين باختيار رئيس لهم يساعده مجلس من رجالات البلاد للاشراف على مصالحها.
رفضت السلطات الايطالية هذه المقترحات وأصرت على استسلام عمر المختار والمجاهدين الذين يقودهم. ولما رفضت سلطات الاحتلال هذه المقترحات وجه عمر المختار نداءً في مطلع سنة 1930 الى الليبيين والرأي العام العربي والرأي العام العالمي بيّن فيه صلف سلطات الاحتلال وغرورها وغدرها وخداعها. وكانت القوات الايطالية قد توغلت في منطقة فزان جنوبي طرابلس وتمكنت من احتلالها خلال أربعة أشهر من كانون الأول 1929 الى نيسان ,1930 ثم توجهت إلى واحة الكفرة الواقعة على بعد ألف كيلومتر جنوب بنغازي فاحتلتها في 21 ـ 1 ـ 1931 بعد قتال عنيف ، وعاثت فيها فساداً وتخريباً ونهباً واعتداءً على حرمات الناس العزل. ولما ذهب بعض الشيوخ إلى قائد الحملة غراتزياني يرجونه إيقاف هذه الاعتداءات ، أمر برميهم بالرصاص.
واستطاعت القوات الايطالية أسر عمر المختار في 10 ـ 9 ـ 1931 بينما كان يقود سرية استطلاع من خمسين فارساً في ناحية سلنطة. وقال للمحققين الايطاليين أثناء استجوابه: "إني أحارب الايطاليين الفاشيين ، لا لأني أكره الشعب الايطالي ، ولكن لأن ديني أمرني بالجهاد فيكم ، لأنكم أعداء الوطن". نقل المختار الى السجن في بنغازي وقدم للمحاكمة العسكرية وأصدرت المحكمة العسكرية عليه الحكم بالاعدام شنقاً حتى الموت. وفي صباح يوم 16 ـ 9 ـ 1931 نفذ فيه حكم الاعدام في مدينة سلوق جنوب بنغازي. وبموته ضعفت المقاومة الوطنية حتى قضي عليها تدريجياً. ويعود ذلك الى عدة أسباب منها: اقتصار المقاومة المسلحة على منطقة برقة والحركة السنوسية ، ونجاح إيطاليا في عزل المجاهدين عن القبائل التي كانت تمدهم بالرجال والمؤن ، وعزلها عن مصر التي كان يهرب منها السلاح الى المجاهدين ، وغياب المعونة المالية والعسكرية الفعاله
الدستور - 11/7/2010
المقاومة الوطنية الليبية للاحتلال الايطالي 1911( - 1931) *
د.علي محافظة
بعد أن تمكنت إيطاليا من بناء وحدتها القومية سنة 1869 ، تطلعت بأنظارها إلى الطرف المقابل لها على البحر المتوسط طامعة في الحصول على نصيب لها في الحركة الاستعمارية الأوروبية التي بدأتها إسبانيا والبرتغال وتلتها بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا في القارة الأفريقية. سعت إيطاليا أول الأمر إلى استعمار تونس إلا أن فرنسا سبقتها في هذا المضمار ولم تتح لها تحقيق ماسعت إليه. عندها اتجهت إلى ليبيا ومهدت لذلك من خلال التغلغل الاقتصادي ، والحصول على موافقة الدول الأوروبية الاستعمارية ، وهذا ماتحقق لها في العقد الأول من القرن العشرين. وواتتها الظروف في مرحلة بلغت فيها الدولة العثمانية ، التي كانت ليبيا آخر ولاياتها في الشمال الأفريقي ، أوج ضعفها وانشغالها في إخماد حركات التحرر والاستغلال في ولاياتها البلقانية المدعومة من الدول الأوروبية الاستعمارية.
بعد أن حصلت إيطاليا على موافقة ألمانيا والنمسا وفرنسا وروسيا وبريطانيا على غزو ليبيا ، اتخذت الترتيبات العسكرية اللازمة لذلك بتأييد وحماسة جارفين من الايطاليين ، خطط له ونفذ خلال السنوات التي سبقت ذلك الغزو. بدأ الغزو بانذار إيطالي إلى الحكومة العثمانية في 26 ـ 9 ـ 1911 بالتسليم لايطاليا باحتلال ليبيا (ولاية طرابلس الغرب). وحال وصول القوات الايطالية بقيادة الجنرال كانيفا إلى طرابلس ، وجه بياناً الى الشعب الليبي تضمن تبريره لاحتلال البلاد من أجل القضاء على الحكم التركي وحماية الليبيين من أي اعتداء خارجي. وهو في هذا لم يختلف عن بقية الغزاة الأوروبيين للأقطار العربية الذين سبقوه أمثال نابليون والجنرال ولزي Wolsey قائد الحملة البريطانية على مصر سنة 1882 والجنرال ليوتي فاتح المغرب.
لم تستطع الدولة العثمانية إرسال قوات في البحر للدفاع عن ليبيا ، واكتفت بارسال عدد من الضباط العسكريين لقيادة القوات المحلية وقوات المقاومة الشعبية ، وكان منهم أنور باشا الذي أصبح فيما بعد صدراً أعظم ، وفتحي بك وعزيز علي المصري الذي قام بدور بارز فيما بعد في الحركة القومية العربية في آسيا العربية ، وأدهم باشا الحلبي ومصطفى كمال الذي قاد عملية تحرير تركيا من الغزو الأجنبي أثناء الحرب العالمية الأولى وبعدها وأسس جمهورية تركيا الحديثة. وتبرع عدد من المتطوعين العرب للمشاركة في الدفاع عن ليبيا كالأمير شكيب ارسلان وعبد الرحمن عزام الذي كان أول أمين عام لجامعة الدول العربية سنة ,1945 غير أن المقاومة الوطنية لم تصمد طويلاً أمام القوات الايطالية النظامية الأكثر عدداً وعدة والتي تمتلك أحدث الأسلحة الفتاكة بينما لم يتوفر للمقاومة سوى الأسلحة الفردية الخفيفة القديمة. والواقع أن الشعور الديني والحمية القومية دفعا العديد من العرب والأتراك الى المشاركة في حركة الجهاد الليبية طوال عامي و1911 ,1912 وكان للمرأة الليبية دورها في حركة الجهاد هذه.
تعرضت الدولة العثمانية لضغوط دولية اضطرها للتوقيع على معاهدة لوزان في 18 ـ 10 ـ 1912 التي تنازلت بموجبها عن ليبيا لصالح إيطاليا. وانسحبت القوات العسكرية العثمانية منها ، تاركة عرب ليبيا يواجهون المغتصب الايطالي وحدهم. وبدأوا بتقسيم قيادة المجاهدين الى قسمين قيادة في طرابلس وأخرى في برقة. واستمر الجهاد طوال عامي 1913 و 1914 ، وامتد الى جنوب البلاد. وتمكن المجاهدون بين سنتي 1913 1915و من حصر القوات الايطالية في المدن الساحلية الليبية بعد هزيمة هذه القوات في معركة القرضابية في 28 ـ 4 ـ ,1915
كان موسوليني وحزبه الفاشي قد استولى على السلطة في إيطاليا سنة 1922 ، وصمم على إعادة احتلال ليبيا والقضاء على المقاومة الوطنية فيها. ورافق عملية الاحتلال هذه مصادرة الأراضي الزراعية الخصبة في طرابلس وبرقة وتمليكها للايطاليين ، ولا سيما أملاك الدولة وأملاك الثوار. ولجأت قوات الاحتلال الى قتل المدنيين وحشر الأسرى من الثوار في معسكرات الاعتقال في الصحراء مثل معتقل العقيلة ومعتقل البريقة ومعتقل سلوق ومعتقل المقرون ومعتقل الأبيار التي ضمت عشرات الآلاف من الأسرى الثوار وأقربائهم. ومارست قوات الاحتلال أقسى أنواع التعذيب بالمعتقلين من جلد بالسياط ونقل للرمال وركل بالأرجل والقيام بأعمال السخرة.
ظهر على ساحة المقاومة والجهاد الشيخ عمر المختار الذي قاد المجاهدين في الجبل الأخضر ، وحقق نصراً على القوات الايطالية في معارك عديدة بين سنتي و1922 ,1931 وكانت القبائل الليبية تزود المختار بالرجال في كل معركة. تعرضت المقاومة الليبية لحصار شديد بهدف منع وصول الدعم العربي إليها خاصة من مصر. ومدت القوات الايطالية أسلاكاً شائكة على طول الحدود الليبية - المصرية ، ولما عرض القائد الايطالي الجديد غراتزياني على عمر المختار أن يسلم المجاهدين أسلحتهم مقابل دفع رواتب لهم من الحكومة الايطالية رد عليه المختار بقوله: "أنا أعلم أنك ارتكبت من الشدة مع الأهالي الخاضعين لكم مادل على أنك لاتريد الخير لهذه البلاد ولا لحكومتك نفسها. وها انت اليوم تطلب منا تسليم السلاح ، وتهددنا بجيوش حكومتك في مجلس أنت دعوتنا إليه للتفاهم بما يحل المشكلة بيننا وبينكم. وأما القوة التي تلوح بها لنا فقد عرفنا آخر ماعندكم منها ، وقد جابهناها على مدى ثماني عشرة سنة ، ولازلنا بعون الله كما كنا".
التقى عمر المختار بممثلي سلطات الاحتلال الايطالية عدة مرات ، أملاً في الحصول على تسوية لليبيين تضمن حداً أدنى من الحياة الكريمة. وقدم لهم شروطاً لانهاء القتال هي:
1 - المساواة بين الليبيين والايطاليين في الحقوق.
2 - الاعتراف بالعربية لغة رسمية في الادارة الايطالية في ليبيا.
3 - عدم تدخل السلطات الايطالية في الشؤون الدينية ، والسماح بفتح المدارس الدينية.
4 - فتح أبواب التعليم العالي أمام الليبيين.
5 - السماح لليبيين بحمل السلاح على اختلاف أنواعه.
6 - إعادة الممتلكات الليبية المصادرة الى أصحابها.
7 - اصدار العفو العام وإطلاق سراح جميع الأسرى والمساجين.
8 - السماح لليبيين باختيار رئيس لهم يساعده مجلس من رجالات البلاد للاشراف على مصالحها.
رفضت السلطات الايطالية هذه المقترحات وأصرت على استسلام عمر المختار والمجاهدين الذين يقودهم. ولما رفضت سلطات الاحتلال هذه المقترحات وجه عمر المختار نداءً في مطلع سنة 1930 الى الليبيين والرأي العام العربي والرأي العام العالمي بيّن فيه صلف سلطات الاحتلال وغرورها وغدرها وخداعها. وكانت القوات الايطالية قد توغلت في منطقة فزان جنوبي طرابلس وتمكنت من احتلالها خلال أربعة أشهر من كانون الأول 1929 الى نيسان ,1930 ثم توجهت إلى واحة الكفرة الواقعة على بعد ألف كيلومتر جنوب بنغازي فاحتلتها في 21 ـ 1 ـ 1931 بعد قتال عنيف ، وعاثت فيها فساداً وتخريباً ونهباً واعتداءً على حرمات الناس العزل. ولما ذهب بعض الشيوخ إلى قائد الحملة غراتزياني يرجونه إيقاف هذه الاعتداءات ، أمر برميهم بالرصاص.
واستطاعت القوات الايطالية أسر عمر المختار في 10 ـ 9 ـ 1931 بينما كان يقود سرية استطلاع من خمسين فارساً في ناحية سلنطة. وقال للمحققين الايطاليين أثناء استجوابه: "إني أحارب الايطاليين الفاشيين ، لا لأني أكره الشعب الايطالي ، ولكن لأن ديني أمرني بالجهاد فيكم ، لأنكم أعداء الوطن". نقل المختار الى السجن في بنغازي وقدم للمحاكمة العسكرية وأصدرت المحكمة العسكرية عليه الحكم بالاعدام شنقاً حتى الموت. وفي صباح يوم 16 ـ 9 ـ 1931 نفذ فيه حكم الاعدام في مدينة سلوق جنوب بنغازي. وبموته ضعفت المقاومة الوطنية حتى قضي عليها تدريجياً. ويعود ذلك الى عدة أسباب منها: اقتصار المقاومة المسلحة على منطقة برقة والحركة السنوسية ، ونجاح إيطاليا في عزل المجاهدين عن القبائل التي كانت تمدهم بالرجال والمؤن ، وعزلها عن مصر التي كان يهرب منها السلاح الى المجاهدين ، وغياب المعونة المالية والعسكرية الفعاله